أودّعكِ… وفي صدري براكيني
وفي شفتيّ صوتُ الغيمِ يشجيني
رحلتِ… وما رحلتِ من الجوانحِ
كأنكِ في دمي، أو في شراييني
أأخفي الوجعَ؟ والأنفاسُ شاهدةٌ
بأنكِ كنتِ أغنيتي وتدويني
وما قلتُ الهوى يومًا تزلّفًا
ولكنّي وجدتُكِ في تلاحيني
أنا من كانَ في عينيكِ مملكتي
وصارَ الآنَ سطرًا في...
وما لي في هواكِ سوى احتمالي
كأنّ الصبرَ خُلِقَ من خيالي
أُخبّئُ في سكوتي ألفَ وجعٍ
ويفضحني الحنينُ بكلِّ حالي
أنا العاشقُ الذي لم يَخفض الرأسَ
ولو أن الهوى شدّ انفعالي
أنا من كنتُ أُخفي الوجدَ حتى
ظننتُ القلبَ من حجرٍ صقالي
تدلّيتِ، الجميلةُ، في سمائي
كأنكِ نجمُ مجدي...
رحلتَ وفي فؤادي نارُ أنفاسي
وفيكَ طافتْ دموعي بينَ كأسي
كأنّك النجمُ إن وَلّى، فليس لهُ
بديلٌ في السماءِ، ولا بناسي
بكيتُكَ لا ذلاً، ولكنّ الأسى علِقَتْ
بصدرِ مَن عزّ في الدنيا بأنفاسي
أتبكي الأرضُ؟ لا بل ما لها دمعٌ
ولكني لها دمعٌ على راسي
وقفتُ وحدي، وأطيافُ المدى سكنتْ...
وقفتُ على الطللِ المنسيّ مُحتسبًا
كأنني فيهِ أرثي الدهرَ واحتسبا
هنا بكَتْ غادةٌ، كانت إذا نظرتْ
تُحيي الجمادَ، وتُنسي الموتَ والعَطَبا
هنا تحدّثنا الأيّامَ، ما عَرفَتْ
بأننا في غدٍ كنّا سننقلبا
سألْتُ ريحَ الصّبا: هل ظلّ من أثرٍ؟
فأجهشتْ فوق خدِّ الرملِ وانتَحَبا
يا طللًا...
لا يُسألُ البحرُ عن موجٍ يُكبّرهُ
ولا يُلامُ الذي في المجدِ ينتظِرُ
أنا ابنُ فكرٍ إذا ما الليلُ أغلقَهُ
أضاءَ حلمي، وما بالنورِ يعتذرُ
يمضي الزمانُ، وتبقى خطوتي علَمًا
على المدى، وأنا في الصمتِ أفتخرُ
ما كلُّ من سارَ في دربِ العُلا رجلٌ
ولا الذي نطقَ الأقوالَ يُؤتَبرُ
كم من...
أنا من إذا نطقَ الزمانُ تهيّبا
وما هابَتِ الأيامُ صوتي إذا بَدا
أُطوّعُ في خطايَ دُروبَ قَومي
وأكسو المجدَ إن ضاع الردى بردا
إذا ما الحربُ أرعدتِ السيوفَ
وجدتُ الفجرَ ينتظرُ الصدى
أنا الساري على الأقدارِ مِقدامًا
ولا أمشي إلى المجدِ مُقيّدا
فمن مثلي إذا صاحتْ مآذنُهم...
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
وسِرْ إن كنتَ ذا عزمٍ وحزمٍ
كأنكَ في الوغى نارُ الحُطومِ
أنا ابنُ الدهرِ، لا أرضى بدونٍ
ولستُ أُهادنُ الزمنَ الرجيمِ
تحدّاني الزمانُ فقلتُ مهلاً
أنا المِقدامُ من نسلِ العزيمِ
وما سيفي سوى برقٍ جهيرٍ
إذا سلّ الظلامَ عن...